أبــواب الأجر في أيـــــام العشر1)
يُستحب فيها الصيـــام وهو من سائر الأعمال الصالحة .. عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي قالت: كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس. [رواه أبو داوود وصححه الألباني (2437)]
2) يُسنُّ فيها التكبيـــر والتحميــد والتهليـــل والتسبيـــح .. والجهر بها في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضعٍ يجوز فيه ذكر الله إظهارًا للعبادة وإعلانًا بتعظيم الله عزَّ وجلَّ .. يجهَّر به الرجال وتُخفيه النساء ..
والجهر بالتكبير في العشر سُنَّةٌ مهجورة، ينبغي إحيائها وتذكير الغافلين بها .. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ. [صحيح البخاري]
وليس المراد التكبير الجماعي والاجتماع عليه بصوتٍ واحد كالفرقة، وإنما المراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحدٍ بمفرده.
وإحيــاء ما اندثر من السُنن أو كاد فيه ثوابٌ عظيم،،
3) أداء الحج والعمرة لمن وفقه الله إلى ذلك .. إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرام ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله ".. الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ" [متفق عليه]
4) الأضحيــــة .. ومن الأعمال الصالحة في أيام العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .. وهي سُنَّة مؤكدة في قول أكثر أهل العلم، وواجبة في قول البعض الآخر .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني، صحيح الجامع (6490)]
ولعل الله لما عَلِمَ ضعف المُقيمين عن الذهاب إلى الحج، عوضهم بشيءٍ فيه مشابهة الحُجاج .. وسلوانًا وتسلية لأنفسهم، إذا رأوا وفد الله ذاهبون وهم قاعدون في البلاد .. فجعل لهم شيئًا من النُسُك يشابهون فيه الحُجاج ..
وعلى من نوى أن يضحي أن يراعي الأمور التالية:
أ) ألا يأخذ من شعره وأظفاره شيئًا، بدءًا من شهر ذي الحجة .. لأنه قد شابه الحـــاج الُمحْرِم في شيءٍ من نُسُكه .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ "إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ" [رواه مسلم]
ب) يُستحب التضحية بكبش أقرن أشهب (أي: أبيض) .. ولا حد لأقصى ما تضحي به، لكن الحد الأدنى: رأس غنم أو سُبع بقرة أو سُبُع جمل ولا بد أن تكون من الأنعام وليست من الطيور .. ولابد أن تكون خالية من العيوب.
ج) أن يكون الذبح بعد صلاة العيد والذبح قبلها لا يُعتبَر من الأُضحية .. ووقت الذبح: من بعد صلاة العيد إلى ثالث أيــام التشريق.
5) المحافظة على صلاة الجماعة .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ "أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟"، قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ "إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ" [صحيح مسلم]
وَعَن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ" [متفق عليه]
6) الإكثـــار من تلاوة القرآن .. عن ابن مسعود قال: قال رسول الله "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" [رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الجامع (6469)]
7) جلسة الشروق .. عن جابر بن سمرة قال: كان النبي إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسنا. [رواه مسلم] .. أي: مرتفعة، يذكر الله ثم يصلي ركعتين، تكون له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ.
الذكر والاستغفار بأنواعه .. وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنا عند رسول الله فقال "أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟"، فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟، قال "يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة" [رواه مسلم]
وعنه قال: قال رسول الله "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" [متفق عليه]
9) الصــــدقـــة وصلة الأرحام .. " صدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر وفعل المعروف يقي مصارع السوء" [صحيح الجامع (3760)] .. ".. والصدقة برهان.." [رواه مسلم] .. أي: برهانٌ على الإيمان ..
فالصدقة ظل الإنسان من الشمس يوم القيامة، ويُعتِق الله من صاحبها بحسبها،،
10) إتبـــاع الجنــائز .. عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ"، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟، قَالَ "مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ" [متفق عليه]
11) إصلاح ذات البين، وهو من أفضل الأعمال .. عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال قال رسول الله "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة"، قالوا: بلى، قال "صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" [رواه الترمذي وصححه الألباني (2509)]
هذه العشر مجـــال للأعمال الصالحة مع التوبة إلى الله والإقلاع عن المعاصي وترك السيئــات ..
وكل عمل صالح يحبه الله ورسوله، فأعمال الخير لا تحصى كثرة والسعيـد من وفـق لذلك، وكل ميسَّر لما خُلِقَ له، والمحروم من حرم هذه الأجور العظيمة والمضاعفات الكبيرة في هذه الأيام المعلومة ..
فالثواب جزيــل والرحيـــل قريـــب والطريق مخوِّف، والاغترار غــالب والخطر عظيــــم ..
والله تعالى بالمرصــاد وإليـــه المرجع والمئـــاب .. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7,8]
الغنيمة الغنيمة، بإنتهاز الفرصة في هذه الأيــــام العظيمة .. فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة ..
المبـــادرة المبــــادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجـــوم الأجل .. قبل أن يندم المُفَرِّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يُجـــاب إلى ما سأل .. قبل أن يحول الموت بين المؤمِل وبلوغ الأمل .. قبل أن يصير المرء محبوسًا في حفرته بما قدَّم من عمل ..
يـــا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسري، أما آن لقلبك أن يستنيــر أو يستلين؟؟!
تعرَّض لنفحـــات مولاك في هذه العشر؛ فإن لله فيه نفحــات يصيب بها من يشــاء ..
فمن أصابته سَعِدَ بها يوم الدين ..
ليالي العشر أوقات الإجابة .. فبــادر رغبةً تلحق ثوابه
ألا لا وقت للعمال فيه ثواب الخير أقرب للإصابة ... من أوقات الليالي العشر حقا
فشمِّر واطلبن فيها الإنـــــابة،،