بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (.) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (.) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (.) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
إنّ الأنفس السبعة هي: النفس الأمّارة بالسوء، النفس اللوامة، النفس الملهمة، النفس المطمئنة، النفس الراضية، النفس المرضية، النفس الكاملة..
أمّا النفس الأمارة بالسوء، فهي التي قال الحق عنها في كتابه: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ).. وهذه النفس مكانها في العالم السفلي، وهي صاحبة الوساوس الشريرة والدواعي الشيطانية، تحبها الشياطين، ويحبون رائحتها النتنة، تدعو صاحبها إلى الشر، ولا تعرف الخير مطلقاً، لا يؤثر فيها الخطاب، ولا تنقاد للصواب، تكره الصلاح، وتأنف النور، لها من الأرضين السابعة والسادسة والخامسة، هي أنفس المتكبرين والشياطين والمشركين والحاسدين والذين يسعون في الأرض فساداً وأهل العقوق والكبائر..
والنفس اللوامة، هي النفس التي تعمل الشرّ ثم تلوم صاحبها، دليلها من كتاب الله (وَلاَ أُقْسِمُ بِالنّفْسِ اللّوّامَةِ) وهذه النفس لها من الأرضين الرابعة والثالثة والثانية، وصاحب هذه النفس متشوش الفكر، يحب اللهو ولكن يصيبه القبض منه، لا يستقرّ على حال، مضطرب في أفكاره، يريد أن يعرف الخير، ولكنه لا يهتدي إليه بسهولة، يتعثر ولكنه يصحو ويفيق، يندم كثيراً، ويتوب كثيراً، ولكنه ينظر إلى الخير من بعيد ولا يفعله ولكنه يسوّف العمل..
والنفس الملهمة، هي النفس التي اهتدت للخير والشر، فعرفت الصواب من الخطأ، ولكنها خلطت عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وفيها قال الله سبحانه: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (.) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)، ولها من العوالم الأرض الأولى والسماء الأولى، فهي تتردد بين هذه وتلك، ولم تستقرّ بعد.. وصاحب هذه النفس تارة يقوم بعمل الخير وتارة يقوم بعمل الشر، فهو بين حسنة وسيئة، فتارة يقرب وتارة يبعد، وهذا الصنف يجب أن يحذر من صحبة أهل السوء والضلال؛ لأنهم يمكن أن يضلوه فينزل إلى النفس التي دون هذه النفس ..
والنفس المطمئنة، هي النفس التي اطمأنت بعمل الخير وخرجت من عوالم الظلام والشر إلى عالم النور، فأصبحت تكره الشر ولا تحبّه، وتسعى إلى الخير والصالحات، فإن اطمأنت للخير وانشرحت لذلك فإن نورها يعلو ويمكن أن يصل السماء الثالثة ، يقول الحق فيها: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ)، وهذه النفس تحب فعل الحسنات، وتبحث عن طريق النور، وتريد الاستزادة من الحسنات، وخاصة إذا كان صاحبها قد انتقل إليها من عالم النفس الملهمة، فتراه يكثر من الأعمال، وهذا المقام لا أخطر من العمل نفسه على الإنسان، وذلك أن الشيطان يدخل إليه عن طريق الصالحات، فيبدأ يصيبه بالإعجاب في نفسه كثيراً وأنه أصبح من الصالحين الأكابر، وأنه يعمل اعمالاً لا يعمل أحدٌ في هذا الكون مثله، عموماً فإنّ أخطر شيء على صاحب هذه النفس هو العُجب، فإذا أصيب به نزل إلى الأرض السادسة أو الخامسة.. ومن الأشياء الخطيرة على صاحب هذه النفس الإكثار من العبادات بشكل كبير فتراه يريد أن يعمل كلّ شيء كقيام الليل والذكر والنوافل وووو... وذلك يصيبه بالفتور والتراجع إلى الخلف؛ وسبب ذلك أنّ صاحب هذه النفس لا يكون النور فيها قد أخذ كفايته بعد، والأعمال الصالحة لها أنوارها الخاصة، فتجد أن صاحب هذه النفس تبدأ الأنوار في التهافت عليه فيصل بعدها إلى مرحلة لا يستطيع تحمّلها، ممّا تثقل عليه العبادات فلا يتحملها، وهذا يحصل كثيراً مع الأشخاص الذين يتوبون فجأة من المعاصي، ويبدؤون في سلوك سبيل الطاعات بشكل ملحوظ، وبعد فترة قصيرة تراه قد عاد كما كان.. ونوصي صاحب هذا المقام أن يبدأ بالأعمال الخفيفة كالذكر وقراءة القرآن، وأن يسعى في الاستزادة من الخلق الحسن، ورويداً رويداً حتى ترسخ قدمه في طريق الصلاح، يقول صلى الله عليه وسلّم: (تكلّفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يملّ حتى تملّوا) ..
والنفس الراضية، هي النفس التي استقرّ النور فيها، وأخذت تترقى في شعب الإيمان، وتكتسب صفات حسنة جديدة علوية، كالصبر والرجاء والخوف والتوكل والرضا، وعلت رغبتها وهمّتها فأصبحت تتوجه إلى الله سبحانه، فإن صاحب النفس المطمنة كان يعمل الخير لأجل الخير، ويعمل الحسنات لأجل الحسنات، ويغترف من النور حباً في النور، أمّا صاحب النفس الراضية فهو يعمل الخير إرضاءً لله، ويفعل الحسنات تقرباً إلى الله، وهكذا، فهو قد بدأ يتوجه إلى الله، وهنا يبدأ السلوك إلى الله سبحانه، فإنه قبل ذلك لم يكن يستحق أن يُسمّى سالكاً إلى الله.. يقول الله سبحانه عن هذه النفس: (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً)، فأشار سبحانه أنه هنا تبدأ النفس بالرجوع إلى الله وهذه النفس يصل نورها الى السماء الرابعة او الخامسة
والنفس المرضيّة، هي النفس التي انتقلت من عالم المُحبّ إلى عالم المحبوب، فهنا يبدأ صاحب هذه النفس في توارد اللطائف عليه من الله سبحانه، وأحوال المحبة والعشق والشوق، وهكذا.. ويبدأ صاحب هذا النفس في تذوّق أنوار التوحيد، وتشرق عليه الفتوحات الربانية، والفيوضات الوهبية، يقول تعالى: (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)، فقد أرضاها بعد أن سعت في رضاه، وأرادها لمّا أرادته سبحانه، وهنا تبدأ أنوار العبودية تشرق في قلب صاحبها، وتسقط الآن صفات النفس لتظهر بوادر المعرفة، ولهذه النفس السماء السادسة..
والنفس الكاملة، هي النفس التي كملت حقيقتها، واستقرّت فيها أنوار القرب من الله تعالى، وعرفت الله حقّ المعرفة، وذلّت له، وخضعت لعظمته، وخشعت لجلاله، والتجأت إلى جنابه، وخفضت جناحها لهيبته، وسجدت لكبريائه وعزّته.. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (كَمُلَ من الرجال كثير ولم يكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون) .. فصاحب هذه النفس هو العارف بالله، وهنا ترقيات إلى ما لا نهاية، ولها من العوالم السماء السابعة، والترقي يكون بعد ذلك إلى ما لا نهاية، فتترقى برقيقتها النورانية إلى الكرسي ثم إلى العرش ثم إلى اللوح ثم إلى القلم وهذا ربما لا يشعر به المرء ، فإذا وصل القلم أصبح له قدم نبوي، وبعد ذلك يصل إلى درجة العلم بالله ويصبح من الصدّيقين الأكابر... وهكذا..
تم بحمد الله
من اقوال فضيلة الشيخ ابو ابراهيم .. حفظه الله
للمزيد من مواضيع فضيلة الشيخ ابو ابراهيم في قسم الملاحظات والمواضيع على الرابط
https://www.facebook.com/shaheed.alrahman?sk=notesوللمزيد من مواضيع فضيلة الشيخ ابو ابراهيم في مجموعة "صراط الذين انعمت عليهم" على الرابط
https://www.facebook.com/groups/275308915842892صفحة الشيخ ابو ابراهيم والتي يشرف عليها فضيلته شخصيا (هدىً للعالمين)
https://www.facebook.com/hudanlilalamin