بارك الله فيك إيمان لكن مقاومة أولاد سيدي الشيخ من :1864 إلى 1908
موضوع: المقاومة الشعبية بقيادة أولاد سيدي الشيخ *بحث مختصر* الخميس 27 نوفمبر 2008 - 23:33
المقاومة الشعبية بقيادة أولاد سيدي الشيخ :
نبذة تاريخية :
أولاد سيدي الشيخ يرجع نسبهم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه , أصلهم من الجزيرة العربية , لعبت هذه الأسرة دورا هاما خلال البعثة النبوية وذلك بمؤازرة وإيمان أبي بكر الصديق بالرسالة النبوية ووقوفه إلى جانب الرسول الكريم خلال الهجرة إذ يقول في ذلك الله سبحانه وتعالى :« وثان اثنين إذ هما في الغار يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا » وهو أول خليفة في الإسلام خلا ل الخلافات التي سادت الجزيرة العربية , هاجر البوبكرية في عهد محمد محمد السفاح وأخيه جعفر المنصور إلى مصر ومنها إلى ليبيا ثم إلى تونس أين قضوا قرون عديدة في كل قطر سلف ذكره .
في القرن الرابع عشر ميلادي توغلوا نحو الغرب الجزائري وأول من استوطن منهم « سيدي معمر بن العالية » بأربوات ومنذ ذلك العهد كان تواجدهم في الصحراء حيث توسع نفوذهم الديني والصوفي أبا عن جد فأسسوا مدينة الأبيض سيدي الشيخ بعد وفاة سيدي عبد القادر بن محمد ...
المقـــــــاومات :
لقد كانت لهذه الأسرة الخلافة بقيادة سيدي حمزة البكري على الصحراء قبل تواجد الاستعمار بها .
بعد إمضاء الهدنة مع فرنسا وقصدا منه توسيع المقاومة بالتعاون مع أولاد سيدي الشيخ قام الأمير عبد القادر بزيارة لمنطقة الأبيض سيدي الشيخ حيث التقى سيدي حمزة البكري فاتفقا على إعداد العتاد و العدة لخوض حرب شاملة ضد الاستعمار كما أخذ معه مجموعة من أولاد سيدي الشيخ .
دور سيدي حمزة : لقد بعث سيدي حمزة رسالة إلى العاهل المغربي آنذاك وصهره الذي طلب يد أخته السيدة الياقوت من أجل إمداده بالسلاح والذخيرة واللباس العسكري , فبعث السلطان آنذاك ما طلبه سيدي حمزة في قافلة من الجمال عددها 400 من تاندرارة إلا أن القوات الفرنسية حجزت هذه القافلة وألقت القبض على خليفة الصحراء سيدي حمزة ونفته إلى العاصمة أين قتل مسموما ودفن بسيدي عبد الرحمان الثعالبي .
إن موت سيدي حمزة كان له تأثير عميق في قبائل الصحراء وحتى التل مما ساعد على تنظيم مقاومة بقيادة ابنه سيدي سليمان بن حمزة .
معركة عوينة سيدي بوبكر : بقيادة سيدي سليمان بن حمزة
شاع خبر تمرد سليمان بن حمزة عن القوات الفرنسية وكان هذا التمرد محل اهتمام الجنرالات مما جعلهم يختارون أخطر كولونال لمواجهة تحرك سليمان بن حمزة وقمع محاولاته لمحاربة النفوذ الاستعماري في الجنوب وهو الكولونال «بوبريت Beau prètre » .
خيم بوبريت بجيشه في عوينة بوبكر بينما كان سيدي سليمان في سيدي طيفور يوم 07 أفريل 1864 .
لما علم بقدوم الجيش الفرنسي ومكان تواجده فاجأ الكولونيل بوبريت على الساعة الخامسة من يوم 08 أفريل 1864
فقتل بوبريت وضباط جيشه وجنوده عدا الطبيب البيطري الذي حمل خبر الفاجعة التي أحلت بصفوف الكولونيل بوبريت إلى تيارت وفي الجانب الآخر استشهد قائد المقاومة وبويع أخوه سيدي محمد وهو يبلغ من العمر 16 سنة .
المقاومة بقيادة سيدي محمد : من 8 أفريل 1864 إلى 4 فيفري 1865 :
خاض سيدي محمد عدة معارك إلى جانب عمه سيد العلى صاحب الحنكة الاستراتيجية وقد امتد نفوذ المقاومة إلى ضواحي مدينة وهران , سيدي
بلعباس , الشلف , ثنية الحك , كما لقت صدى في جهات أخرى كالراوية التي أحرقها المقاومون في 23 ماي 1864 تلبية لفحوى المراسلة التي يحث فيها سيدي سليمان المسلمون الجزائريين على الجهاد , ومن أهم المعارك التي خاضها سيدي محمد معركة عين فديريقة في 13 ماي 1864 بنواحي سيد الناصر , ومعركة سيد العلى مع المخيم الخيثر في 30 أكتوبر 1865 حيث سجن 6 فرنسيين, معركة قارة سيدي الشيخ في 04 فيفري 1865 أين استشهد سيدي محمد بعد متابعته من طرف الكولونيل «كولومب » حيث تصدى لجيش العدو وقاومه 4 ساعات وسقط شهيدا , واصل المقامة سيدي أحمد بن حمزة إلى جانب عمه .
امتد عمر المقاومة بين أولاد سيدي الشيخ الشراقة بقيادة قدور بن حمزة ,و أولاد سيدي الشيخ الغرابة بقيادة سيدي الشيخ بن الطيب الشيخ بوعمامة من 08 أفريل 1864 إلى 07 أكتوبر 1908 تاريخ وفاة الشيخ بوعمامة .
المقاومة الشعبية بقيادة الشيخ بوعمامة :
تعريف : هو محمد بن العربي بن الحرمة بن التاج بن سيدي عبد القادر بن محمد , ولد ببادية واد الناموس حوالي سنة 1838 م من أبوين جزائريين
هما : سيد العربي بن الحرمة والسيدة فاطنة بنت الحجاجي .
شب في كنف والديه ثم تعلم القرآن والفقه على يد شيخه سيدي محمد بن عبد الرحمان , تزوج من ابنة عمه السي المنور .
أحيا زاوية سيدي الشيخ بأم مقرار وأسس حقل النخيل الذي جاءته به قبائل الشعانبة من متليلي , ورقلة والمنيعة .
شاعت سمعته بين قبائل الجنوب وراحت تتوافد عليه من كل جهة , مما جعله يكون مقاديم الطريقة الشيخية وأصبح نفوذه الديني يتوسع حيث يقول فيه جرولGraulle« تحولت أفكاره الدينية إلى مبادئ وطنية وألفت نظره إلى تنظيم القبائل والاستعداد لمحاربة المستعمر الفرنسي » .
وقد جلب نشاط الزاوية انتباه القادة الفرنسيين , حيث شددت الرقابة وبالفعل كشف سر ذلك ولكنها لم تستطع أن تخمد الحركة في مهدها , وعند محاولتها قمع النشاط انقلب الجو الديني إلى سياسي , واستطاع الشيخ بوعمامة من التخطيط السريع لمجابهة المؤامرة الفرنسية ضده وضد سكان المنطقة .
أوفد مقادمه إلى القبائل لجمع العدة والعتاد والدعوة للجهاد المقدس وقرر الثورة في نهاية موسم الحصاد أواخر شهر جويلية 1881 م .
لكن محاولة إلقاء القبض على موفوديه من المقاديم الذين توجهوا إلى سعيدة وتيارت و البيض أدت به إلى التكبير بالثورة رغم ضآلة العدة والعدد.
كما أن متابعة فرنسا لمقدمه الطيب الجرموني بعد مقتل الملازم «وينبرونير» Weinbrener في 21 أفريل 1881 م بواد الحجل فكانت هذه الحادثة بداية لثورة طويلة وقصة عميقة .
معركة عين تازينة « المولاق » :
مباشرة بعد مقتل الملازم «وينبرونير» شاع الخبر وأسرعت القبائل إلى التجند من أجل الدفاع عن دينهم , وأسرع بوعمامة في دعوته إلى الجهاد المقدس وألتفت حوله قبائل المنطقة من الطرافي إلى العمور.
أما الجيش الفرنسي الذي زعزعته الحادثة أسرع إلى تعزيز صفوفه بقادة ذوي خبرة ميدانية لمجابهة الشيخ بوعمامة وجيشه , وتحركت القوات الفرنسية بقيادة الكولونيل «إينوسنتي » وكان جيشه يتكون من الفيالق التالية :
1. ثلاث فيالق من المشاة :
الأول من الزواف
الثاني من اللفيف الأجنبي يتولى قيادتها الكولونيل « اسوينيه »
الثالث من الرماة SWINEY
2. أربع سرايا من قناصة جيش إفريقيا الرابع : يتولى قيادتها الكولونيل إينوسنتي INNOCENTI
3. فرقة المدفعية : 02 فرق منتوعة مساعدة
03 فرق من القوم «سعيدة » , فرندة «تيارت »
يقود الأولين الآغا قدور ولد عدة , ويقود الثالثة الآغا قدور الصحراوي
تخضع هذه القوة لقيادة الجنرال كولونيون دونسي COLLIGNON D'ANCY , الذي تخلف لمرض أصابه بالبيض «جيريفيل» فتولى قيادتها الكولونيل «إينوسنتي » الذي أعد بدوره عدة كبيرة من المؤونة والسلاح والذخيرة الكافية لمدة ثلاثة أشهر , بالطبع فإن التفوق العددي والعتادي كان إلى جانب الفرنسيين بحيث أن عدد الجيش الفرنسي كان أضعاف جيش الشيخ بوعمامة فبلغ عدد القوم وحدهم 1200 رجل .
في المقابل كان جيش الشيخ بوعمامة يتكون من 2300رجل بين فارس وراجل موزعة على النحو التالي :
v قبائل الطرافي 700 بين فارس وراجل .
v الأحرار 160 بين فارس وراجل .
v أولاد سيدي الشيخ 250 بين فارس وراجل .
v أولاد زياد 180 فارس وراجل .
v أم مقرار 100 بين فارس وراجل .
v أولاد سيد التاج 50 بين فارس وراجل.
v أولاد أعمور 170 بين فارس وراجل.
v القصور الشلالة , بوسمغون , أربوات ... 500 من المشاة.
v من القبائل الأخرى 190 بين فارس وراجل .
في الوقت الذي كان ينوي فيه «إينوسنتي » التوجه إلى الشلالة تلقى رسالة من قائدها يوم 19 ماي في الصبيحة يخبره أن بوعمامة على رأس كل الأهالي وصلها ويريد مقابلة قافلة الجيش الفرنسي في معركة , وفعلا فوجئ «إينوسنتي » بتمركز الشيخ بوعمامة على بعد ثلاث كيلومترات في موقع استراتيجي .
فاشتبك الطرفان في معركة طاحنة أدت بصفوف العدو إلى الانهزام وكانت الغلبة في هذه المعركة لجيش الشيخ بوعمامة وكبدها خسائر بشرية ومادية وأطاح بمعنويات القادة الفرنسيين بقتل أكثر من 5000 جندي وغنم من الأسلحة والذخيرة المؤونة بحيث اضطر إينوسنتي أن يطلب تعزيز قواته بالجيش والعدة المؤونة في اليوم الثاني من المعركة .
أما الشيخ بوعمامة فارتفعت معنوياته بالنصر الذي حققه وتوجه إلى البيض بقواته ثم اخترق الشمال إلى غاية مشارف تيارت وسعيدة رغم الحشود العسكرية التي وضعتها فرنسا لحجز الطريق أمام بوعمامة وجيشه .
وتخلل هذه الرحلة عدة معارك كان النصر فيها حليف الشيخ بوعمامة , ولم تكفيه هذه الرحلة الثورية بل أعاد الكرة من جديد في رحلة ثانية أدت به إلى اختراق خطوط الاستعمار الفرنسي بسرعة فائقة مما جعل القادة الفرنسيين يصفونه بالرجل الثاني بعد الأمير عبد القادر .
بتلخيص لمقاومته نجد أن الشيخ بوعمامة بعد المرحلتين السابقتين انسحب إلى الجنوب وخاصة معركة أكتوبر 1881 «بفندي » جنوب شرق بني ونيف ومعركة «شط تيقري » في أفريل 1882 .
نتيجة لنقص المؤونة قرر القائد الروحي الشيخ بوعمامة النزوح إلى « دلدول » للراحة وإعداد جيش قوي لمحاربة الاستعمار , فامتدت مقاومته إلى أرض المغرب حيث قام بعدة معارك ضد الاستعمار الفرنسي إلى أن وافته المنية متأثرا بجروح في 07 أكتوبر 1908 .
من أشهر مواقفه أنه رفض مقترح القوفارنار GOUVERNEUR الذي يمنحه السلطة والأمان مقابل تخليه عن المقاومة .
كما رفض مقترح القادة العسكريين بخصوص إطلاق صراح ابنه «سيد الحاج الطيب» مقابل تخليه عن الجهاد فرفض قائلا : « قطعوه أطراف أطراف واضربوني به على النيف علني أنيف » .
قولته كرد عن كل طلب : «مارنا باغيين لا مال ولا جاه ولا سلطة باغيين تخرجوا من هذا الوطن لي ماهوشي وطنكم » .