استدعت سفيرها بعد المصادقة على قانون تجريم إنكار قتل الأرمن:
تركيا تصفع ساركوزي بكشف أرشيف مجازر فرنسا في الجزائر
2011.12.22 آسيا شلابي
زاهد غول لـ الشروق: بحوزة تركيا أرشيف يفضح الإبادات الجماعية في الجزائر
سيمون جيرار لـ الشروق: ساركوزي يدير حملاته الانتخابية باللعب بالتاريخ
عاشت باريس، أمس، حالة استنفار قصوى، حيث تظاهر المئات أمام مقر البرلمان الفرنسي، حاملين العلمين الفرنسي والتركي، ومرددين عبارات رافضة لاستعمال ساركوزي التاريخ في السياسة. فكان يوم الخميس يوم حرب دبلوماسية بين البلدين، تمثلت في التصريحات النارية المتبادلة، بين لغة تهديد أنقرة وبرودة أعصاب باريس، التي أقرت قانون تجريم إنكار قتل الأرمن بأغلبية 50 صوتا، ويواجه من ينكر قتل الأرمن عقوبة السجن لمدة سنة، وغرامة قدرها 45 ألف يورو، وفقا للقانون الجديد.
استدعت، أمس، تركيا سفيرها في باريس، مباشرة بعد إقرار البرلمان الفرنسي قانونا يجرم إنكار "إبادة الأرمن" على أراضي الإمبراطورية العثمانية، خلال الحرب العالمية الأولى، بأغلبية 50 صوتا، ويتوقع أن يرسل القانون إلى مجلس الشيوخ للتصويت على إقراره في بداية العام القادم، ويواجه من ينكر قتل الأرمن عقوبة السجن لمدة سنة، وغرامة قدرها 45 ألف يورو، وفقا للقانون الجديد.
يقول الأرمن إن مليونا ونصف المليون أرمني قد قتلوا على أيدى الأتراك العثمانيين عام 1915 . وتشكك تركيا في عدد القتلى، وتعترض على استخدام صفة "المذبحة"، وقد حذرت فرنسا من "عواقب" في حالة إقرار مشروع القانون، وتقول أنقرة إن ثلاثمئة ألف أرمني قتلوا، بالإضافة إلى عدد من الأتراك، حين هب الأرمن ضد الإمبراطورية العثمانية، عندما اجتاحت القوات الروسية منطقة "شرق الأناضول"، التي تشكل الآن الجزء الشرقي من تركيا، وتعتبر 20 دولة بينها فرنسا مقتل الأرمن مذبحة، ونقل مراسل "بي بي سي" في باريس، هيو شوفيلد، أن باريس تريد أن تأخذ خطوة إضافية، وقد تظاهر المئات من منظمات فرانكو ـ تركية أمام الجمعية الوطنية الفرنسية ضد مشروع القانون، وردت الحكومة التركية بغضب على الخطوة الفرنسية، ولوحت بعقوبات اقتصادية.
وقال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إن الخطوة تهدف الى حشد الدعم للرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها العام القادم، وإنها ستلحق الضرر بالعلاقات الفرنسية ـ التركية، وأضاف أن بلاده تفكر في فرض عقوبات اقتصادية على فرنسا، ردا على الخطوة الأخيرة، حسب وكالة "الأناضول" التركية.
وقد أصدر الحزب الحاكم في تركيا بيانا مشتركا مع أحزاب المعارضة يدين الخطوة الفرنسية، كما نظمت مظاهرة أمام السفارة الفرنسية في أنقرة، وعبر وزير الخارجية التركي، أحمد داود اوغلو، عن أمله في أن لا "تدوس فرنسا على صداقة قديمة من أجل مكاسب انتخابية"، يذكر أن حوالي نصف مليون شخص من أصل أرمني يقيمون في فرنسا، لأصواتهم وزن في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وقد أكد، أمس، المحلل السياسي والصحفي التركي، محمد زاهد غول، في اتصال مع الشروق، ان تركيا ستنفذ تهديداتها وستلعب ورقة الأرشيف الذي يدين فرنسا الاستعمارية وتاريخها الدموي في مستعمراتها الإفريقية، وعلى رأسها الجزائر: "الموقف التركي واضح، وخطاب الرئيس التركي كان جديا، وحذر ساركوزي صراحة من أي تحرك قد ينهي العلاقات الدبلوماسية، فتركيا لم تكن تريد التصعيد، بل التعاون، خاصة في ظل الظروف الراهنة والملف السوري العالق، العلاقات بين البلدين فاترة وهشة أصلا، منذ رفض فرنسا انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وأظن أن تركيا ستقدم أرشيفا يدين جرائم فرنسا في حق الجزائريين خلال الفترة الاستعمارية، وتحركها جاء بناء على ضغط إسرائيلي".
من جهته، استنكر الباحث الفرنسي، سيمون جيرار، لجوء ساركوزي للتاريخ طمعا في استحقاقات انتخابية، ولعبه على وتر التاريخ "لعب ساركوزي في 2007 ورقة الأقدام السوداء والذاكرة الاستعمارية، وألقى خطابه بطولون أين توجد الجالية بقوة، وهو الآن يعول على مشروع قانون تجريم إنكار قتل الأرمن، كحملة انتخابية للعام الداخل، ثم إن ساركوزي الذي كان دائما ضد دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وقد أغلق هذا الباب أمامها نهائيا".