نــقــطــة كــلام
إن نظـرة واحدة في عيني صبي ـ من الصومال مثلا ـ تخفيان شراهة مرعبة لكسرة خبز , فضلا على نبضة حب ، او شحنة عطف ، أو مسة امن ، لكفيلة بالتنبيه بالخطر الداهم , ما بالك بقسم كبير من البشر مختبئ وراء نظرة الصبي اياه !!!!!!!!
إن مأساة التعمية التي نعاصرها ونلمسها من خلال تعايش الاجناس والاجيال في عجز المحبة الشاملة للبشرية عن اثبات وجودها، امام فيضان طموح الانسانية المتفوقة للبعض على البعض ، وعلينا ، وامام انتاج جحافل النفوس الميتة , لا تكاد تترك سبيلا للمرء إلا ان يقرأ بعض الجوانب شبه الميتة فينا التي نمر عليها وفيها مصبحين وبالليل غير مبالين ..
فمختصر الحديث عن الحب المعقد الممنوع لسبب ما ,في اصله الدفين في هوة العمق أو في مظهره الطافي المحزون ..
إن ذاك الحب عندي اصل للتوتر الدائم النبل ـ حتى في رفضه وغضبه ــ الذي عليه ان يثبت لنفسه كل مرة , من خلال تحريات توتراته المستدامة , أنه باق أميناً لنبله الاصلي الاول..
ولان الحب في واقعيته دائم التخلف عن تزايد وعينا به ,وليس منا إلا وقدأحب..... فان المحب الفرد الفذ عندنا لا يعيش الحياة , حياته ، بل إنه يمثلها تمثيلا ، كونه لا يستطيع ان يحياها ، لأن ما يعتريه يمد جذوره الى مستوى عميق فلا تشبعه اللفتة واللفتتين ، ولا يكتفي باللهفة واللهفتين ، ولا ينكسر بالمحنة والمحنتين..
مادام الحب ناشئ من بداية مشهد الحياة ( الفطرة) فلا مناص لأنتزاعه منها..فان وجدالحب نفسه امام وضع جائر مستغلق ..كرس تـوثـبـه الأعمى ليوقف مهزلة التحايل عليه لازاحته من المشهد الام .
فان صرخ احدنا قائلا : انا لا اؤمن بالحب !!!!ـ وكثيرا ما يحدث ــ
فإنه لا يستطيع نكران صرخته ولا فكاك له على أقل تقدير من ان يؤمن بصرخته , وهو المحروم من كل شيء لأنه لا يجد تحت تصرفه في اخر المطاف إلا بديهة انه يحب ولو ليعزز ما هو فيه من تمزق.
يرى المحب المحروم ان الحب هو الوضع الوحيد الذي يمده بأجوبة نمطية لكل التساؤلات الخفية دفعة واحدة, وبتفسيرات خالدة ايضا ..
كل شيء يمضي إلى التلاشي في حركته , ولكن المحب في مكابرته وعناده يصون شيئا جوهريا مميزاً في نفسه على الاقل , فهو في محنته يستمر , و لا يستمر، إلا بمقدار تنامي الحب في ذاته رغم انهياره امام اللحظات العابرة , ومعاناته ثقل توالي الايام الزائلة , ومكابدته الحساسية المشتتة اللذات... فالحب يتمدد…ويمتد.... في حين ان كل الذي فوق التراب تراب..
واستسمح شبابنا الجامعي إذا تجرات بقولي ان المحب يتقبل ان يكون ملعوناً كالملحد والمدمن والسكير تماماً، ومتحديا , وحتى لا يسمح بان يكون كل شيء مجدبا تجده لا ينام ابدا قبل ان يتفوه باسم محبوبه كي يستمر ويمنع نفسه عن التخلي كالبقية .. لكن لا يتقبل التخلي عن مكرمة يعيها من مكرمات الحب عطاءً دون مقابل. ويتعدى اختصار الحب وتجزئته , من محبوبه , الى سائر أشباهه فيحب لهم ما يحب لنفسه..
ــ فصار لزام على أحدنا ان ينظر من يخالل... لأن المرء في النهاية يُبعث مع من أحب : على دين خليله . . ــ
وتتبعت ما تتبعت لأعثر على معترض عن بسط موضوع دعوى الحب فما وجدت سرابا ولا يباباً ، ولا حجرا ولاجحرا ولا حجرا. ألآ ان الحياة إن كانت شجرة فإن الحب ثمرتها؟؟!!!!
ولا يزال صدى النداء الخالد : الا ادلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم....... يجوب المدى..
أخوكم عابر سبيل
ملحوظة: مكثت طويلا على مشارف خيمة ملوزة, فلما تخلف الكبار عن الترحيب حكيت للصغار ما ترون. فهل من مرحب؟؟