وقفة تأمل بين التبرّج والحجاب
أختي الفاضلة
لا ريب أنكِ تعلمين أن انتماءَكِ للإسلام يستلزم منكِ الاستسلامَ لله ربّ العالمين وتنفيذ أحكام دينه القويم، وإلا فما معنى إيمانِكِ بربّك؟ وما هو أثرهُ في نفسكِ؟ ألم تقرأي قول الله تعالى: [وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسولهُ أمراً أن يكون لهُمُ الخِيَرَةُ من أمرهم]إن هذا البيان الإلهي الكريم: يؤكد على قضية خطيرة في حياة الإنسان، وهي أن الإيمان لا يقبل أن يشاركه الهوى والرأي والمِزاج، فلا مجال للتعلُّل بتيار المجتمع ومواكبة الموضة بل لا بد للمسلمة من الاعتزاز بدينها، وتنفيذ أمر ربها، والتحصُّن بالأخلاق والعفاف والحشمة، والتستُّر بالجلباب الشرعي الذي يغطي جسمَها ويصون كرامتها من نظرات ذئاب الشهوات.
إن أزعجَكِ حرُّ الصيف فتذكّري قول الله تعالى: [ نارُ جهنَّمَ أشدُّ حرّاً لو كانوا يفقهـون].
وإن كنت لا تطيقين الصبر على نار الدنيا للحظات، فكيف بكِ إن عصيتِ ربَّك وخرجت بالثياب الكاشفة عن محاسنك ومفاتنك، هل تطيقين نارَ جهنّمَ الملتهبة التي وَقُودُها الناسُ والحجارة؟
تلك النار هي من العذاب الذي وصفه ربُّنا بقوله الجليـل: [ قل إني أخاف إنْ عصيتُ ربّي عذابَ يومٍ عظيم].
أخبر جلّ وعلا عمّا يلحق بالمعذَّبين به في النار في قوله سبحانه: [ كُلّما نَضِجَت جلودُهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب ].
إن جمالكِ ـ أيتها المرأة ـ مِنْحة إلهية ونعمة ربانية فلا تستعمليه سلاحاً للفتنة وسهاماً في قلوب الشباب الفائر.
واعلمي أنّك مؤتَمَنة على صَوْنه من الأيدي الفاسقة والأعين الفاجرة، وليكن أداةَ نعمةٍ ووسيلةَ سَكَنٍ ووُدّ بينك وبين زوجك فقط، حتى لا تكوني من عِداد من قال فيهم البشير النذير صلى الله عليه وسلم: سيكون في أمتي رجالٌ... نساؤهنّ كاسيات عاريات... الْعَنُوهُنّ فإنهنّ ملعونات [رواه الإمام أحمد في المسند وصححه الحاكم]،
لأنهـن بهـذا اللبـاس ـ الكاسي في الصورة المُغْري في الحقيقة والكاشف عن مفاتنِكِ بأنواع الثياب الفاضحة مما أنتجته دُور الازياء المجرمة من أنواع اللباس الضيّق أو المشقوق أو القصير ـ يكنّ مُبْعِدات للرجال عن جادة الاستقامة والطهارة، فحريٌّ بهنّ أن يُبْعَدْنَ عن رحمة الله وأمنه وأن يُوصَفْنَ بالفجور وارتكاب المعاصي.
إن لباسك الذي تستجلبين به رضوان الله هو السابغُ الفضفاض الذي لا يصف شيئاً من جسمك ولا يشفّ عما تحته من لون بَشرتك وفتنة أعضائك، والذي يخلو من الألوان المُغرية والزينة الفاتنة.
فلتكوني في خروجكِ من منزلك ساعيةَ خيرٍ وناشرةَ طُهرٍ، ولا تكوني أداةَ غواية ووسيلة ضلالة، يُغْوي بكِ الشيطان ويُوقع في حبالك أعداداً من الشباب صرعى الهَوَس الجنسي وضحايا القلق النفسي.فإن الله تعالى يقول: [ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْييكم] ففي تطبيقك ـ أيتها المسلمة ـ لشرع الله وحرصك على مرضاته: حياتُكِ الحقيقية الكريمة وسعادتك النفسية،
فأسرعي لما يدعوكِ إليه واستقبلي توبة الله عليكِ ورحمةَ الله بكِ بالعزم على طاعته والتزام أوامره [ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد].