لماذا مكتوب الفشل لكل مشروع طموح ؟؟؟ من وزاء هذه المضاهر السلبية؟كانت الساعة تشير إلى حوالي الثانية مساء، عندما وصلت "الشروق"، إلى مقر ثانوية الرياضيات الجديدة بالقبة، حيث واصل النوابغ إضرابهم لليوم الثاني على التوالي. حاولنا الاقتراب، لكننا تفاجأنا بسيارة الشرطة المركونة أمام الباب الخارجي. وبعد أن دنونا وجدنا الأبواب الحديدية موصدة بقوة وهو ما اضطرنا لمناداة "العباقرة" الذين كانوا في فناء الساحة متجمعين يحملون لافتات لمخاطبتهم من وراء القضبان.
في البداية، تحدثنا إلى طالب يبلغ من العمر 16 سنة، والذي أكد لنا أن الأبواب أغلقت ليمنعوهم من الخروج إلى الشارع وإسماع صوتهم، مؤكدا أنهم في إضراب مفتوح ولن يعودوا إلى مقاعد الدراسة لحين استجابة وزارة التربية والتعليم لمطالبهم الأساسية المتمثلة في رحيل مديرة الثانوية والطاقم الإداري وأنهم غير مستعدين للتنازل عن أي شرط، فالمعاملة السيئة ،الوجبات الغذائية الرديئة، تسببت في ضياع حلم 44 نابغة غادروا الثانوية في منتصف السنة الدراسية من أصل 150 طالب متفوق قدموا من مختلف ولايات الوطن، ليشرد قليلا في أصدقائه ويواصل: آخرهم رحل أول أمس ثم رفض مواصلة الحديث ونادى على زملائه جميعا.
مراقد أقرب إلى عنابر السجون بـ 35 سريرا
وما هي إلا ثوان حتى اقترب النوابغ الذين أفل بريق الحماسة من وجوههم الشاحبة وبدوا متأثرين جدا بالأوضاع المزرية من القضبان الحديدية، متحدين الإدارة والشرطة ليصف لنا كل واحد منهم الظروف المزرية التي يعيشونها داخل "مقبرة النوابغ "، كما أصبحوا يسمونها اليوم، يتصدرها غياب تجهيزات المخابر العلمية، الخرائط الجغرافية.. لتتحول الدروس إلى نظرية جافة لا تساعدهم على الاستيعاب. كما أن التجهيزات الموجودة في قاعة الرياضة ممنوعة عليهم مما اضطرهم لشراء بعض الألعاب بأموالهم الخاصة في ظل غياب وسائل الترفيه والأنترنت. وأضاف النوابغ أن أكبر مشكل لديهم هو اكتظاظ المرقد وهو ما يحرمهم من الراحة والنوم السليم، زيادة على غياب قاعة مذاكرة وهو ما يدفعهم للدراسة داخل المطعم وتبقى نوعية الوجبات الغذائية السبب الرئيس للمشاكل الصحية التي ظهرت مؤخرا عند التلاميذ بمجرد دخولهم إلى الثانوية، هكذا أجابت إحدى الفتيات، فالعجائن بكافة أنواعها وبالأخص "المقرونة" تقدم لهم يوميا وهو ما شكل لهم أمراضا مختلفة كالأمعاء، المعدة، و"فقر الدم"، خصوصا وأنهم يبذلون جهدا فكريا كبيرا. فالدراسة تنطلق من الثامنة صباحا لغاية الخامسة والنصف مساء ليليها مذاكرة إجبارية من السادسة والنصف مساء لغاية العاشرة ليلا، فهم بحاجة لغذاء صحي متوازن يعوض المجهودات المبذولة.
إهانات يومية وعباقرة الجزائر تحولوا إلى أغبياء!
وتوقف النوابغ قليلا ثم أكملوا تصريحاتهم قائلين: "نحن مستاؤون بكثرة من المعاملة السيئة لمديرة الثانوية والطاقم الإداري من مراقبين والذين لا يتوانون في نعتنا بالأغبياء"، كما ذكروا بأنهم يصفونهم بأقبح الصفات والعبارات في كل مرة، ويهددونهم بفصلهم من الثانوية في حال اعتراضهم على أي أمر. وهو ما جعلهم يعيشون في حالة خوف شديد أفقدهم القدرة على التركيزفي دراستهم، مستطردين أن هناك جهات تسعى للقضاء على نوابغ الجزائر وتحطيم حلمهم وحلم الآلاف ممن يسعون للحصول على معدلات عالية في شهادات التعليم الأساسي، وهو ما يبرر الظلم و"الحڤرة" التي يتعرضونلها داخل أسوار الثانوية التي تحولت لما يشبه المعتقل.
الثانوية قضت على طموح 44 تلميذا والدور على البقية..
رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ:
يجب على الوزارة إيفاد لجنة للتحقيق في اضطهاد العباقرة
طالب رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ "أحمد خالد"، في اتصال لـ"الشروق" أمس، وزارة التربية والتعليم بإيفاد لجنة تحقيق مختصة للتحري في الوضعية المزرية التي آلت اليها ثانوية الرياضيات الجديدة بالقبة في فترة لا تتجاوز 5 أشهر منذ افتتاحها، وأضاف محدثنا أن جمعية أولياء التلاميذ تندد بالمعاملة السيئة "للنوابغ" والتي تسببت في القضاء على حلم وطموح 44 نابغة اضطروا لمغادرتها، مبديا تخوفه من أن يلقى البقية نفس المصير.
وحمل رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ وزارة التربية والتعليم العالي مسؤولية إجهاض الحلم الذي ناضل من أجله أولياء التلاميذ لأكثر من 20 عاما، لكونها افتتحت الثانوية وهي غير مهيأة أو مجهزة لاستيعاب "العباقرة"، وهو ما شكل صدمة بالنسبة إليهم وإلى التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادة التعليم الأساسي.
واعتبر "أحمد خالد" مطالب "العباقرة" بالمشروعة وأنه بإمكان وزارة التربية والتعليم تلبيتها، داعيا لضرورة إيجاد حلول عاجلة وعملية لمنع الأزمة من التفاقم حرصا على نفسية الطلبة، مشيرا إلى أنه في حال لم تتمكن الوزارة من ذلك فعليها السماح لجمعية أولياء التلاميذ بإدارتها.
رفضوا استقبال مبعوثي الوزير
دخل إضراب تلاميذ الثانوية الجديدة للرياضيات بالقبة، أمس، يومه الثاني على التوالي، بعدما رفض هؤلاء الحديث مع أي مسؤول ولو كان موفدا من الوزارة، عازمين على مواصلة الإضراب إلى غاية حضور وزير التربية شخصيا للوقوف عند حجم معاناتهم التي اضطرتهم إلى غاية الإضراب عنالطعام، أمس الأول، للتعبير عن أجواء الظلم والقهر التي يزاولون فيها تعليمهم، بثانوية يفترض أن تنمي قدرات نوابغ الوطن وليس قهرهم بمختلف الضغوطات، أهمها الإهانات النفسية التي يطلقها مسؤولو المؤسسة في حالة التفكير في الإضراب أو الحديث عن مشاكلهم التي أجبرت على انسحاب أكثر من 40 منهم، حسب تصريحات التلاميذ.
هذا وقد أوفدت، أمس، الوزارة الوصية ممثلا عنها للوقوف عند القضية، غير أن التلاميذ رفضوا الحديث إليه، متمسكين بقرارهم القاضي بحضور الوزير شخصيا إلى عين المكان للوقوف عند مشاكلهم التي واجهتهم منذ افتتاح المؤسسة التربوية أبوابها سبتمبر الماضي.
من جهة أخرى، أكد بعض أولياء التلاميذ الذين سحبوا أبناءهم من الثانوية، أن الأمر بات لا يطاق، يجبر تدخل الجهات الوصية لوضع حد من يقف وراء كسر المشروع الوطني وبالتالي "قبر" نوابغ هذا الوطن.