إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول ارسله.
أما بعد عباد الله فإني أحبكم في الله وأوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم وأستفتح بالذي هو خير وإن خير الكلام كلام الله.
يقول الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فِيهِ القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون}. البقرة 185 .
ولقد روي عن سلمان الفارسي أنه قال: "خطبنا رسول الله ءاخر يوم من شعبان فقال: " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعًا وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، شهر المواساة، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شىء . قالوا يا رسول الله: ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم". فقال عليه الصلاة والسلام: "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو على شربة ماء أو مذقة لبن وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وءاخره عتق من النار ومن سقى صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة" .
اخوة الإيمان ، لقد أكرمنا رب العزة بأن جعل لنا من بين سائر الشهور شهرا نقضي بياض نهاره في عبادة عظيمة ذات حكم سامية وثواب جزيل فلا بد ان نستقبل الصيام مقبلين على هذه الطاعة العظيمة بكل همة وعزم وحماس ولا بد لنا ان نشمر عن سواعد الجد لنيل الحسنات والخيرات.
حقا ان رمضان شهر الخيرات، شهر العطف، شهر الانتصار على النفس ، شهر الانتصار على نوازع الشيطان ، وحري بنا في هذا الشهر الفضيل المبارك الذي أنزل فيه القرءان أن نقتفي ءاثار النبي الأعظم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام الذي جاهد في سبيل الله، الذي جاهد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله . حري بنا أن نقتفي ءاثار الصحابة الكرام كأمثال بلال الحبشي الذي تحدى القهر، تحدى الصخر، تحدى جبروت الطغاة وهو تحت العذاب لا يحيد ويأبى ان يخضع لحكم العبيد ولا يقول إلا أحد أحد. اين ايامنا هذه من تلك الأيام، تلك الأيام التي شهدت أبطالا رفعوا راية الحق ومهدوا الطريق لمن بعدهم فكانوا قدوة أعزهم الله في دينهم ودنياهم.
حقا إن رمضان شهر تُستلهم منه العبر ، رمضان شهر بدر وفتح مكة، شهر الإيمان الذي قلبت به الموازين حيث علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الكرامة عند الله في الآخرة لا تكون لغير اهل الإيمان فاطمأنت كثير من القلوب، وسكنت بهذه العقيدة النفوس ، العقيدة الإسلامية التي وحدت بين ابي بكر القرشي وبلال الحبشي وصهيب الرومي.
لقد حولت عقيدة الاسلام الصحابة الى رجال ءامنوا بالله ورسوله والدنيا لم تكن اكبر همهم ولا مبلغ علمهم وقادوا المسيرة حق القيادة حتى وصل الاسلام الى ما وصل اليه في بقاع الدنيا. نفوس رضية وعزائم قوية لا تلين .
وهكذا اخوة الإيمان في هذا الشهر العظيم المبارك فليتطلع الواحد منا الى هؤلاء الرجال الرجال .
أيها الأحبة المؤمنون ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهل شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه ثم قال: "اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام وتلاوة القرءان اللهم سلمنا لرمضان وسلمه منا حتى ينقضي وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا". ثم يقبل على الناس بوجهه فيقول: "يا أيها الناس إذا استهل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وأبواب الرحمة وأبواب الجنان وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين وكان لله عز وجل عند كل فطر عتقاء من النار ونادى منادٍ في كل ليلة: اللهم أعط كل ممسك تلفا وأعط كل منفق خلفا" .
فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان ولا يسأل عن شىء إلا أعطاه .
اللهم أعنّا على الصيام والقيام وصلة الأرحام بجاه محمد خير الأنام.
هذا وأستغفر الله لي ولكم