لسلام عليكم
الى كل الاخوة والاخوات تحية وسلام
احببت ان انشر لكم اليوم موضوعا قد يكون خافيا عن الكثير وهو قصة المروحة
التي كانت الذريعة الواهية التي تذرعت بها فرنسا الاستعمارية لاحتلال
الجزائر الذي بقى 130 سنة محتلا لهذه الدولة العربية طبعا ليست فرنسا فقط
كانت قد استخدمت هذا الاسلوب في احتلالتها لدول عربية وانما حتى بريطانيا
حينما احتلت مدينة عدن اليمنية تذرعت بحادث غرق احد سف صيدها وجلس الاحتلال
البريطاني 136 سنة ومنذ التاريخ تتكرر الذراع للدول المتغطرسة الاستعمارية
في اختلاق ذراع وحجج لشن العدوان والاحتلال واخرها امريكا المجرمة التي
احتلت العراق تحت ذريعة وجود اسلحة الدمار الشامل والنتيجة اوجت الدمار
الشامل هي ولم تجد السلاح
واليوم اسرد لكم قصة المروحة الغريبة من نوعها التي كانت السبب الذي تذرعت به فرنسا لاحتلال الجزائر سنة 1827
"مروحة" تتسبب في احتلال الجزائر
بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس في (21 من المحرم 898 هـ =
25 من نوفمبر 1492م) بدأ الأسبان يهاجمون الشمال الأفريقي في مطلع القرن
السادس عشر الميلادي، في ظل حركة صليبية تدعو إلى الضغط على المسلمين في
شمال أفريقيا باحتلال ثغورهم، وتحويلهم إلى المسيحية إن كان ذلك ممكنًا.
احتلال أسباني
ونجح الأسبان في دخول الجزائر والاستيلاء على "المرسى الكبير" سنة (911هـ =
1505م) ووهران سنة (915 هـ = 1509م) وبعد احتلالهما قاموا بتنظيم أمورهما،
واعتبروهما أيضًا أسبانيين، وأخضعوهما لسلطة حاكم عسكري، ونشروا فيهما
الجند والمرتزقة، ووطنوا بهما عددًا من المدنيين المجرمين والمنفيين من
(أسبانيا).
وفي الوقت الذي توسع فيه الأسبان في احتلال الثغور الإسلامية المطلة على
غرب البحر المتوسط، ظهرت قوة بحرية إسلامية، خاضت جهادًا عظيمًا ضد السفن
الأسبانية، ودفعت خطرهما، وكان يقود حركة الجهاد الأخوان (بابا عروج) وخير
الدين برباروسا، وتطورت تلك الحركة فتمكنت من تحرير الجزائر بمساعدة الدولة
العثمانية، وإخضاع الملاحة في البحر المتوسط للبحرية الإسلامية، ومد
النفوذ العثماني في الشمال الأفريقي.
أطماع فرنسية
وظلت الجزائر تابعة للدولة العثمانية، حتى بدأت فرنسا تتطلع باهتمام بالغ
إلى احتلال الجزائر، وكان "نابليون بونابرت" يحلم بجعل البحر المتوسط بحيرة
فرنسية، وأخذ يخطط لقيام حملة كبيرة تمكنه من ضم دول المغرب العربي،
وإقامة مستعمرات عسكرية فرنسية، وطلب من الفرنسيين الذين سبق لهم العيش في
"الجزائر" أن يمدوه بمعلومات عنها وعن سكانها وتحصيناتها، ولم يكتف بذلك،
وإنما كلف وزير البحرية بأن يبعث أحد جنوده الأكفاء الذين يمتازون بالروح
القتالية والمهارة الهندسية إلى الجزائر سرًا، ليدرس أحوال الجزائر
العسكرية عن كثب، ويوافيه بتقرير شاف، وقد نجح هذا المبعوث في كتابة تقرير
واف عن تحصينات الجزائر، وطبيعة أراضها، وعدد قواتها، وزيّن الحملة
المقترحة، والمدة التي تستغرقها لتحقيق هدفها، وعدد القوات اللازمة للقيام
بالحملة، غير أن انشغال نابليون بأطماعه في أوروبا أرجأ مشرعه.
حادثة المروحة
تولى الباشا حسين حكم الجزائر سنة (1234 هـ = 1818م) وكان رجلاً مشهورًا
بالغيرة على الدين، واليقظة الدائمة، والميل إلى الأهالي، فطلب من "دوقال"
قنصل فرنسا أن يبلغ حكومته بضرورة الإسراع في تسديد الديون التي عليها
للجزائر.
حيث كانت الجزائر تصدر لفرنسا القمح وصار على فرنسا ديونا كثيرة عجزت عن سدادها
وجرت العادة أن يقوم قناصل الدولة الأجنبية بزيارة (الباشا) لتهنئته بعيد
الفطر (2 شوال 1243 هـ = 29 من إبريل 1827م) وكان القنصل الفرنسي حاضرًا،
ودار حديث بينه وبين الباشا حول الديون، فأساء القنصل الفرنسي الرد، فأمره
الباشا بالخروج من حضرته، لكنه لم يتحرك فقام الباشا بضربه بالمروحة التي
كانت في يده،والمروحة هي نسميها المهفة التي يستخدمها القدماء حينما يكون
الجو حارا يستخدمون مروحة يدوية مصنوعة من سعف النخيل فكتب القنصل إلى
بلاده بما حدث، وادعى أنه ضُرب ثلاث مرات.
اتخذت فرنسا من هذه الحادثة ذريعة لاستغلالها لمصلحتها، وبخاصة بعد أن كتب
القنصل تقريره إلى حكومته في الليلة نفسها، وطلب منها اتخاذ الوسائل
اللازمة للمحافظة على كرامتها في شمال أفريقيا، وقرأ وزير الخارجية
الفرنسية ذلك التقرير في مجلس الوزراء، وطلب إجبار الجزائر على الاعتذار عن
الإهانة التي لحقت بالملك في شخص ممثله، ولو أدى ذلك إلى استخدام القوة.
أرسلت فرنسا قطعة من أسطولها إلى الجزائر في (18 ذي القعدة 1243 هـ = 12 من
يونيو 1827)، وجاء قبطانها إلى الباشا وطلب منه أن يأتي معه إلى السفينة
ويقدم اعتذارا شخصيًا للقنصل الفرنسي، ولما كان هذا الطلب متعذرًا، وأن
الباشا لن يوافق عليه، فإن القبطان تقدم إلى الباشا باقتراحين آخرين: إما
أن يعتذر للقنصل بمحضر الديوان وفي وجود القناصل الأجانب جميعًا، وإما أن
يرسل الباشا بعثة برئاسة وزير بحريته إلى قطعة الأسطول الفرنسي، ليعتذر
باسم الباشا إلى القنصل، وفي حالة عدم استجابة الباشا لأحد الاقتراحات
الثلاثة يُعلن الحصار رسميًا على الجزائر.
لم يقبل الباشا أيًا من الاقتراحات الثلاثة؛ فضرب الفرنسيون الحصار على
الجزائر وظل مضروبًا ثلاث سنوات، ولم يكن حصارًا هينًا لفرنسا، وإنما كان
متعبًا ومملوءا بالمخاطر، وبخاصة في الفترة الأخيرة، حيث نجح الجزائريون في
أسر بعض رجال القطع البحرية الفرنسية وقتلهم، وكلف هذا الحصار الخزينة
الفرنسية سبعة ملايين فرنك سنويًا، وأصاب التجارة الفرنسية في البحر
المتوسط بخسائر كبيرة، ومن ثم لم يعط الحصار نتائج إيجابية، ولم يجبر
الباشا على تقديم اعتذار لفرنسا دون أي شروط.
الحملة الفرنسية
أدى فشل المفاوضات بين الطرفين، وعجز الحصار البحري على الجزائر، والرغبة
في توجيه نظر الشعب الفرنسي إلى تحقيق نصر خارجي إلى إعلان مجلس الوزراء
الفرنسي في جلسة (5 شعبان 1245 هـ = 30 من يناير 1830) القيام بالحملة ضد
الجزائر، ثم قام الملك بإصدار مرسوم بالتعبئة العامة، وأعلن في خطاب العرش
يوم (7 من رمضان 1245هـ = 2 من مارس 1830م) عزمه على مهاجمة الجزائر،
مدعيًا أن هذه الحملة لم تقم إلا للانتقام من الإهانة التي لحققت بالشرف
الفرنسي، وأصر على أنها "حملة مسيحية على بلاد البرابرة المسلمين"، وأنها
في صالح كل العالم المسيحي.
تجمعت القوات البرية والبحرية مع معدات الحرب والذخائر في المنطقة الواقعة
بين طولون ومرسيليا وبلغ مجموع رجال الحملة (37600) جندي، واشتملت على
(45000) حصان، و(91) قطعة مدفعية، ووصل عدد قطع الأسطول إلى (6000) قطعة،
منها (103) قطع حربية.
أبحرت الحملة من ميناء طولون ونزلت في منطقة سيدي فرج في (23 ذي الحجة 1245
هـ = 14 من يونيو 1830م) دون مقاومة وقام الفرنسيون بتحصين منطقة إنزالهم،
لاتخاذها قاعدة عسكرية لهم، وتصبح نقطة تموين من الأسطول أثناء العمليات
الحربية.
وعلى الرغم من أن موقع "سيدي فرج" لا يبعد عن مدينة الجزائر إلا بنحو 25
كيلومترا، فإن الفرنسيين اضطروا إلى خوض ثلاث معارك طاحنة حتى تمكنوا من
احتلال مدينة الجزائر في ( 14 كم المحرم 1246 هـ = 5 يوليو 1830) بعد أن
وقّع الباشا معاهدة تسليم المدينة، وفق بنود اتفق عليها الطرفان، تضمنت
تسليم قلعة القصبة، وكل القلاع الأخرى المتصلة بالمدينة إلى الجيش الفرنسي،
وأن يتعهد القائد العام الفرنسي لباشا الجزائر بأن له الحرية في أن يذهب
هو وأسرته إلى المكان الذي يختاره، وتعهد بحمايته وتعيين حرس له لو فضل
البقاء في الجزائر، وختمت المعاهدة بأن العمل بالدين الإسلامي سيظل حرًا،
ولن تمس حرية السكان مهما كانت طبقتهم ودينهم وأملاكهم.
دخلت القوات الفرنسية مدينة الجزائر في هرج ودون أي نظام أو ضبط، وأخذوا في
القتل والسلب والنهب في أحياء متعددة من المدينة، واستولى الفرنسيون على
الخزانة، وأعلنوا أنه لا توجد سجلات عن محتوياتها، ثم أبلغوا الحكومة في
باريس أنهم وجدوا ما قيمته (48700000) فرنك من الذهب، وكان هذا المبلغ يكفي
لتغطية نفقات الحملة التي وصلت إلى (43500000) فرنك ذهبي.
الجزائر تضحيات ومجازر
قصة الجزائر واستقلالها قصة طويلة الفصول، حزينة الأحداث، تجمع بين البطولة
والمأساة، بين الظلم والمقاومة، بين القهر والاستعمار، بين الحرية وطلب
الاستقلال، كان أبطال هذه القصة الفريدة مليون شهيد، وملايين اليتامى
والثكالى والأرامل، وكتبت أحداثها بدماء قانية غزيرة أهرقت في ميادين
المقاومة، وفي المساجد، وفي الجبال الوعرة، حيث كان الأحرار هناك يقاومون.
بداية القصة
شاءت الأقدار أن يكون اليوم الذي بدأ فيه الاحتلال الفرنسي للجزائر هو نفس
اليوم الذي استقلت فيه غير أن الفارق الزمني بينهما (132) عامًا امتلأت
بالأحداث والشهداء، فقد دخل الفرنسيون مدينة الجزائر في [14 محرم 1246هـ=5
يوليو 1830م] وكان عدد القوات الفرنسية التي نزلت الجزائر حوالي أربعين ألف
مقاتل، خاضوا أثناء احتلالهم لهذا البلد العنيد معارك شرسة استمرت تسع
سنوات فرضوا خلالها سيطرتهم على الجزائر.
كان الاستعمار الفرنسي يهدف إلى إلغاء الوجود المادي والمعنوي للشعب
الجزائري، وأن يكون هذا البلد تابعًا لفرنسا؛ لذلك تعددت وسائل الفرنسيين
لكسر شوكة الجزائريين وعقيدتهم ووحدتهم، إلا أن هذه المحاولات تحطمت أمام
صلابة هذا الشعب وتضحياته وتماسكه، فقد بدأ الفرنسيون في الجزائر باغتصاب
الأراضي الخصبة وإعطائها للمستوطنين الفرنسيين، الذين بلغ عددهم عند
استقلال الجزائر أكثر من مليون مستوطن، ثم محاربة الشعب المسلم في عقيدته،
فتم تحويل كثير من المساجد إلى كنائس أو مخافر للشرطة أو ثكنات للجيش،
بالإضافة إلى ما ارتكبوه من مذابح بشعة، أبيدت فيها قبائل بكاملها.
بدأت المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال مع نزول أرض الجزائر، وكان أقوى
حركاتها حركة الجهاد التي أعلنها الأمير عبد القادر الجزائري في
[1248هـ=1832م]، واستمرت خمسة عشر عامًا، استخدم فيها الماريشال الفرنسي
"بيجو"، وقواته التي وصل عددها (120) ألف جندي، حرب إبادة ضد الجزائريين،
والحيوانات، والمزارع، فوقع الذعر في قلوب الناس، واضطر الأمير عبد القادر
إلى الاستسلام في [1261هـ=1847م].
لم تهدأ مقاومة الجزائريين بعد عبد القادر، فما تنطفئ ثورة حتى تشتعل أخرى،
غير أنها كانت ثورات قبلية أو في جهة معينة، ولم تكن ثورة شاملة؛ لذا كانت
فرنسا تقضي عليها، وضعفت المقاومة الجزائرية بعد ثورة أحمد بومرزاق سنة
[1288هـ=1872م]، وقلت الثورات بسبب وحشية الفرنسيين، واتباعهم سياسة
الإبادة التامة لتصفية المقاومة، وفقدان الشعب لقياداته التي استشهدت أو
نفيت إلى الخارج، وسياسة الإفقار والإذلال التي اتبعت مع بقية الشعب.