يا أصحاب المظاهرات..... اتقوا الله
اتقوا عذاب الله فإن عذاب الله شديد، قال تعالى:
﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاََ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ سورة الأنفال: 25
وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، قال الله تعالى:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾سورة الأنفال: 1
وقال عز وجل:
﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ النور: 51، 52.
وقال سبحانه وتعالى:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاََ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاًَ مُّبِينًا﴾ سورة الأحزاب: 36
واعلموا أن الخروج عن طاعة الحاكم المسلم وتهييج الناس عليه والثورة عليه حرام، بل كبيرة من الكبائر، وإليكم الأدلة:
1ـ قال الله تعالى:
﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاًَ﴾ سورة النساء: 59
2ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» رواه البخاري
3ـ وروى الإمام مسلم، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ»
4ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان:
«تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» رواه مسلم
5ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رواه البخاري ومسلم
6ـ وَعَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ:
«إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ»
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ:
«لَا مَا صَلَّوْا»
أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ. رواه مسلم
7ـ وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» رواه البخاري ومسلم
ـ ومعنى (أثرة علينا): هضمًا لحقوقنا، يعني أنه يجب على المسلمين طاعة الحاكم المسلم حتى وإن لم يؤدي حق الرعية كما ينبغي.
والإمام ما دام لم يظهر منه كفر بواح عليه من الله برهان فإنه يحرم الخروج عليه، حتى ولو ارتكب الكبائر دون الشرك، حتى ولو ظلم الناس بأخذ حقوقهم وبخسهم فيها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
( ونهوا عن قتالهم ما صلوا، وذلك لأن معهم أصل الدين المقصود، وهو توحيد الله وعبادته، ومعهم حسنات وترك سيئات كثيرة)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
(ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة: أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف؛ وإن كان فيهم ظلم، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فيدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته)
وقال - رحمه الله - :
( وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة، وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق، وكابن المهلب الذي خرج على ابنه بخراسان، وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان - أيضا - ، وكالذي خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة، وأمثال هؤلاء. )
ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور إلا في حالة واحدة، وهي أن يأتوا كفرا بواحا وفيه من الله برهان، كما جاء في الحديث، هذا وقد وضع أهل العلم للخروج على الحكام ضوابط وشروطا يجب أن تكون متوفرة في الحاكم المراد الخروج عليه، وهذه الشروط مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: )إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان
وقد بين فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذه الشروط فقال فليعلم أن الخروج على السلطة لا يجوز إلا بشروط:
الشرط الأول:
أن تروا بمعنى أن تعلموا علما يقينيا بأن السلطة ارتكبت كفرا.
الشرط الثاني:
أن يكون الذي ارتكبته السلطة كفرا : فأما التفسيق فلا يجوز الخروج عليهم بسببه مهما عظم.
الشرط الثالث:
بواحا أي معلنا صريحا لا يحتمل التأويل.
الشرط الرابع:
عندكم فيه من الله برهان أي مبني على برهان قاطع من دلالة الكتاب والسنة أو إجماع الأمة.
فهذه شروط أربعة.
وهنا رأي شيخنا الفاضل مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في أحداث مصر الحبيبة :
شن مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ هجوما على منظمي المظاهرات والمسيرات في بعض البلدان العربية، واصفا تلك المظاهرات بـ «المخططة والمدبرة» لتفكيك الدول العربية الإسلامية، وتحويلها من دول كبرى قوية إلى دول صغيرة «متخلفة».
وقال آل الشيخ في خطبة الجمعة، التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض أمس إن الغاية من تلك الإثارة بعيدة المدى لضرب الأمة في صميمها، وتشتيت شملها واقتصادها وتحويلها من دول كبيرة قوية إلى دول صغيرة «متخلفة»، داعيا إلى الوقوف موقف الاعتدال. ووصف آل الشيخ في خطبته التي نشرتها الصحف السعودية الصادرة أمس مخططات مثيري المظاهرات بـ «الإجرامية الكاذبة» لضرب الأمة والقضاء على دينها وقيمها وأخلاقها.
وقال آل الشيخ إن «الفوضويات» التي انتشرت في بعض البلدان العربية جاءت للتدمير من أعداء الإسلام، قائلا «يا شباب الإسلام كونوا حذرين من مكائد الأعداء وعدم الانسياق والانخداع خلف ما يروج لنا والذي يهدف منه الأعداء إلى إضعاف الشعوب والسيطرة عليها وشغلها بالترهات عن مصالحها ومقاصدها وغاية أمرها».
وقال آل الشيخ «يا شباب الإسلام كونوا على بصيرة من تلك النار التي أوقدت في العديد من البلدان، فتلك المشاحنات استغلت من قبل الأعداء لنشر السموم والشرور داخل الأمة العربية».
وأوضح أن من أسباب «الفتن والغواية والضلال إثارة الفتن بين الشعوب والحكام من خلال المظاهرات والمسيرات». وأضاف آل الشيخ أن من نعم الله بعد الإسلام نعمة الأمن والعافية وقال «متى فقد الأمن ساءت الحياة واستشهد بالأمن والاستقرار في المملكة نتيجة تحكيمها ـ برأيه ـ لشريعة الله ودستورها كتاب الله وسنة رسوله مما جعل دول العالم تضرب الأمثال بها»، داعيا الله أن يوفق «حكامها وولاة أمرها وقيادتها الرشيدة».