السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهقال تعالى ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا
فروجهم)) ((ويحفظوا فروجهم )) عن أن تكون وسيلة إلى
محرم أو عن الإبداء والكشف.
من أعطى من نفسه أسباب الفتنة أولا، لم ينجو آخرا،
وإن كان ذاهبا.
الله تعالى قال: ((قل للمؤمنين يغضوا من)) من: للتبعيض،
والله تعالى لم يقل ((ويحفظوا من فروجهم)) بل ((ويحفظوا
فروجهم)) فـ (من) في الأولى دليل على أن يجوز النظر على
بعض الأشياء المحرمة أصلا عند الحاجة مثل: عند إرادة الخطبة
يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة، أو إذا أراد القاضي أن
يتعرف على المرأة الشاهدة، وعند التداوي بشروطه، أما حفظ
الفرج فهو عند كل حال مأمور به.
إذا كنت يوميا ترى طعاما غير متوفر عندك وكنت جائعا فماذا
ستفعل ، لا احد يشبع بالنظر ، لو كأن الجياع يشبعون بمجرد
النظر إلى الطعام لما رأيت جائعا يسرق طعاما أو يأكل من
القمامة ، أما إذا كنت لست جائعا فلما تنظر إلى طعام غيرك
وتطيل النظر إليه .
يسموها " طفاسة "
إذا كأن هذا مبدأ نتفق عليه في الطعام، فلما نختلف عليه
في محارم الله وأعراض العباد.
إطلاق البصر يقــود إلى أمور خطيرة أولها مشاهدة المواقع
الإباحية أو الأفلام الإباحية...إلى الزنا أو حتى الاعتداءات
الجنسية والتحرشات مرورا بآفات أخلاقية عديدة وسلوكيات
شاذة.
لا تبحث لنفسك عن أعذار اسمع الله وهو يقول :
(بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره)
======
الإنسان صاحب القلب السليم إذا جاءه سهم مسموم إلى قلبه
فإنه يحس، أما صاحب القلب المريض الذي تعود على شيء ما
حرام فإنه يلتذ بهذا المحرم، مثل رجل مدمن التدخين قد
يقول أن التدخين ليس فيه شيء ولا يسبب ألم في الرأس،
لماذا؟ لأنه هذا الرجل قد تعود على المعصية، أم عندما
نحضر إنسان سليم ونقول له خذ نفسين من السيجارة، فإنه
يدوخ ويسقط على الأرض ويسعل كثيرا.
من ترك شيئا لله عوضه الله عنه ولابد، فلا يمكن أن إنسان
يترك شيئا لله ثم لا يعوضه الله خيرا منه، لأن الله شكور،
يشكر من ترك شيئا لأجله.
يجب غض البصر حتى عن المرأة التي لا يظهر منها شيئا.
يجب على المرأة أن تغطي كل جسمها، وأخطأ من قال على جواز
كشف الوجه والكفين. لأنه لا دليل، بل خطأ في التفسير.
قال تعالى ((إلا ما ظهر منها)) فسرها ابن عباس أنها الوجه
والكفان، وهذا قول ضعيف ولم يصح عنه ذلك. ولكن قال ابن
مسعود على أنها الثياب. أيضا لم يقل تعالى (إلا ما أظهرن
منها)، و (إلا ما ظهر)) أي عفوا من غير قصد.
======
فمن عقوبات النظر إلى المحرمات:
1- فساد القلب: فالنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم
في الرمية، فإن لم تقتله جرحته، فهي بمنزلة الشرارة من
النار ترمى في الحشيش اليابس، فإن لم تحرقه كله أحرقت
بعضه.
2- نسيان العلم: فقد نسي أحد العباد القرآن بسبب نظرة
إلى غلام نصراني!!
3- نزول البلاء: قال عمرو بن مرة: نظرت إلى امرأة فأعجبتني
فكف بصري، فأرجو أن يكون ذلك جزائي.
4- إبطال الطاعات: فعن حذيفة قال: من تأمل خلق امرأة من
وراء الثياب فقد أبطل صومه!!
5- الغفلة عن الله والدار الآخرة: فإن القلب إذا شغل
بالمحرمات أورثه ذلك كسلا عن ذكر الله وملازمة الطاعات.
6- إهدار الشارع عين من تعمد النظر في بيوت الناس متجسسا:
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : {لو اطلع
أحد في بيتك ولم تأذن له، فخذفته بحصاة ففقأت عينه،
ما كان عليك جناح } [متفق عليه].
======
فوائد غض البصر:
1- غض البصر يخلص القلب من نظر الحسرة.
2- يورث القلب نورا وإشراقا يظهر في العين والقلب
والجوارح.
3- غض البصر يورث صحة الفراسة.
4- أن غض البصر يفتح لك طرق العلم وأبوابه ويسهل لك
أسبابه بسبب نور القلب.
5- (غض البصر عن الدنيا عموما)... وأنه يورث ثبات القلب
وقوته وشجاعته.
6- يورث القلب سرورا وانشراحا وفرحة أعظم من اللذة والسرور
الحاصل بالنظر.
7- أن غض البصر يخلص القلب من أسر الشهوة، فإن الأسير هو
أسير شهوته وهواه.
8- أنه يسد بابا من أبواب جهنم. لأن النظر ليس له نهاية.
9- أنه يقوي العقل ويزيده ويثبته، لأن إطلاقه لا يأتي إلا من
عقل طائش، وكذلك ينبغي النظر في العواقب.
10- أنه يخلص القلب من سكر الشهوة ورقدة الغفلة.
11- أنه امتثال لأمر الله. فليس له أنفع من امتثال أمر
الله، وليس هناك أشقى من عصيان الله.
12- أنه يمنع وصول السهم المسموم الذي لعل فيه الهلاك إلى
القلب.
13- أنه يورث القلب أنسا بالله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب
ويشتته ويبعده عن الله وهو إطلاقه يورث الوحشة بين العبد
وبين الله.
14- أنه يسد على الشيطان مداخله إلى القلب لأنه يدخل من
النظرة إلى القلب أسرع من دخول الهواء للمكان الخالي، لأنه
يرسم الصورة في القلب ويجعلها صنما يعكف عليه. فيشوي
القلب بالصورة.
15- أنه يفرغ للقلب الفكر في مصالحه والإشتغال بطلب الجنة
أما إطلاقه فينفي ذلك، لأن الذاكر لله ذاكر لأمر الله فلا يقع
في المعصية أما الناسي فـ ( نسوا الله فنسيهم) ويكون
الثلاثة المذكورة (أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان
أمره فرطا) وإذا خرب النظر خرب القلب وصار مزبلة يدخل فيه
الصور إلى المزبلة بكل نظرة ولا يدخل حب الله قلب مزبلة.
======
قال و النون: اللحظات تورث الحسرات؟ أولها أسف، واخرها
تلف، فمن طاوع طرفه تابع حتفه.
وخرج حسان بن أبي سنان يوم عيد، فلما عاد قالت له امرأته:
كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: والله ما نظرت إلا في
إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك!
وقال أحمد بن حنبل: كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل!!
يا من رأى سـقمي يزيد *** وعـلتي تـعي طبيـبي
لا تعجبن فهكـــذا *** تجني العيون على القلوب
======
جاهد نفسك لحظة
قال ابن الجوزي: فتفهم يا أخي ما أوصيك به، إنما بصرك نعمة
من الله عليك، فلا تعصه بنعمه، وعامله بغضه عن الحرام تربح،
واحذر أن تكون العقوبة سلب تلك النعمة، وكل زمن الجهاد في
الغض لحظة، فإن فعلت نلت الخير الجزيل، وسلمت من الشر
الطويل.
التوبة والنظر
قال أبو بكر المروزي : قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل:
رجل تاب وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية الله،
إلا أنه لا يدع النظر؟! فقال: أي توبة هذه! قال جرير:
{سألت رسول الله عن نظرة الفجاءة، فقال: "اصرف بصرك " }
[رواه مسلم وأبو داود].
======
أسباب إطلاق البصر
أخي المسلم:
إن إطلاق البصر له أسباب كنيرة جدا يصعب حصرها، ومن أهمها:
1- اتباع الهوى وطاعة الشيطان.
2- الجهل بعواقب النظر، وأنه يؤدي إلى الزنى، وربما أدى
إلى الردة عن الإسلام، فقد ورد أن رجلا نظر إلى نصرانية فعشقها،
فلم ترض منه إلا بالبراءة من الإسلام، فارتد ودخل في النصرانية!
3- الاتكال على عفو الله ومغفرته، ونسيان أن الله شديد
العقاب.
4- مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج والصور الفاتنة التي
تتبرج فيها النساء عن طريق القنوات الفضائية أو المجلات
الخليعة.
5- العزوف عن الزواج، فقد قال : { يا معشر الشباب،
من استطاع منكم الباءة فليتزوج؟ فإنه أغض للبصر
وأحصن للفرج...} [متفق عليه].
6- كثرة التواجد في الأماكن التي يختلط فيها الرجال
بالنساء كالأسواق مثلا. قال العلاء بن زياد: لا تتبع
بصرك رداء امرأة، فإن النظرة تجعل في القلب شهوة.
7- وجود لذة كاذبة يشعر بها الناظر في نفسه، وهي
أثر من آثار الغفلة عن الله وقلة تعظيمه في القلب،
إذ لو كان معظما لله عز وجل لما فرح بمعصيته.
8- تبرج النساء في الشوارع والأسواق، وتعمد بعضهن
إظهار الجمال والزينة، مما يدعو ضعاف النفوس إلى
النظر إليهن.
9- تشجيع بعض النساء لذلك بتعمد نظرهن إلى الرجال،
فيجرئنهم على مبادلتهن النظرات.
10- كثرة التعامل مع النساء سواء أكان في بيع أو شراء
أو عمل أو غيره.
======
أسباب غض البصر
أخي الكريم:
ولغض البصر أسباب كثيرة كذلك نذكر منها:
1- تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه.
2- التخلص من جميع الأسباب التي ذكرنا أنها تؤدي
إلى إطلاق البصر.
3- معرفة أن إطلاق البصر يؤدي إلى الأسف والحسرة،
قال الحسن: من أطلق طرفه طال أسفه.
4- معرفة أن النظر زنا العينين، ويكفيه في ذلك
قبحا.
5- دفع الخواطر والوساوس قبل أن تصير عزما ثم
تنتقل إلى مرحلة الفعل، فمن غض بصره عند أول
نظرة سلم من آفات لا تحصى، فإذا كرر النظر فلا
يأمن أن يزرع في قلبه زرع يصعب قلعه.
6- القيام بحقيقة الشكر، فإن من تمام شكر النعمة
ألا يعصى الله عز وجل بها. والبصر من نعم الله
تعالى على العبد.
7- الصوم؟ وهو سبب قوي في غض البصر بعد الزواج.
8- تأمل ما يستقبح من شأن النساء، فإنهن يتفلن
ويبلن ويتغوطن وتصيبهن الروائح الكريهة، وفي
ذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا أعجبت
أحدكم امرأة فليذكر مناتنها!!".
لو فكر العاشق في منتهى *** حسن الذي يسبيه
لم يسبه!
9- التسلي بما أحله الله عز وجل من الشهوة
المباحة، فعن جابر أن رسول الله رأى امرأة
فأعجبته، فأتى زينب فقضى منها حاجته وقال:
{إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة
شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله،
فإن ذلك يرد ما في نفسه } [رواه مسلم].
قال النووي: معنى الحديث أن المرأة تذكر بالهوى
والفتنة والشهوة لما جعل الله تعالى في نفوس
الرجال من الميل إليهن والالتذاذ بالنظر إليهن،
ولذا فإنه ينبغي لها ألا تخرج بين الرجال إلا
لضرورة، وكذا فإنه ينبغي للرجل الغض عنها وعن
ثيابها، والإعراض عنها مطلقا" شرح صحيح مسلم للنووي.
10- الدعاء والاستعانة بالله عز وجل وسؤاله النجاة
من هذه الفتنة، فقد كان يقول: { اللهم إني أعوذ بك
من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر
قلبي } [رواه أبو داود وصححه.الألباني].
11- الخوف من سوء الخاتمة والتأسف عند الموت.
12- صحبة الأخيار وترك صحبة الأشرار، فإن الطبع
يسرق من خصال المخالطين، والمرء على دين خليله
فلينظر أحدكم من يخالل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
======
وأخيرا:
يقول سعيد ابن المسيب: إذا يئس الشيطان من إنسان
أتاه من النساء.
ملاحظة :أرجوا منكم نشر هذه الفوائد لتعم الفائدة حفظكم
أسأل المولى العلي القدير أن ينفعنا بما قرأنا وأن يجدد قلوبنا بالإيمان
وأن يجعل عملي هذا في ميزان حسناتي يوم لا
ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين . والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.