بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وباركته أما بعد نقدم لكم فتاوى للشيخ فركوس حفظه الله وندعو الله أن نستفيد منها . في حكم إبطال الصوم لإنقاذ غريق
السـؤال:
صائمٌ في رمضانَ ظهر له في بعضِ شواطئِ البحرِ أنّ أحدَ الصّيّادين يُصارِعُ الغرقَ، ووجد في نفْسِه ضعفًا بدنيًّا عن إنقاذِه إذا لم يتناولْ شيئًا لِيَتقوّى به على إنقاذِه، فهل يجوز له أن يُبْطِلَ صوْمَه من أجلِ هذا الغَرَضِ؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فمَنْ لا يُمكنه تخليصُ المشرفِ على الهلاكِ مِنَ الغرقِ أو نحوِه إلاّ بالإفطارِ، وجب عليه الفطرُ لإنقاذِه، ويأثم إنْ لم يفعلْ، ويلزمه القضاءُ، ولا تلزمه الفديةُ(١)، لأنّ الْمُنْقِذَ للغريقِ في حُكْمِ الغريقِ، ويُلْحَقُ بالمريضِ والمسافرِ في وجوبِ القضاءِ دون الفديةِ لقولِه تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
هذا، وجديرٌ بالتّنبيهِ أنّ القادرَ على إنقاذِ غيرِه لِتَوَفُّرِ أسبابِ الإنقاذِ ووسائلِه كالقاربِ والحبلِ ونحوِهما مما هي داخلةٌ في إمكانِه واستطاعتِه، وامتنع عنِ استعمالِها عمدًا؛ فإنّه يأثم على ترْكِه ويضمن دِيَتَه على الصّحيحِ من قولَيِ العلماءِ، لأنّ التّركَ -على التّحقيقِ- فعلٌ على ما هو مُقَرَّرٌ في موضِعِه، ومثّل الشّنقيطيُّ -رحمه الله- بفروعٍ كثيرةٍ في المذاهبِ، قال: «كمَنْ منع مضطرًّا فضْلَ طعامٍ أو شرابٍ حتّى مات، فعلى أنّ التّركَ فعلٌ فإنّه يضمن دِيَتَه، وعلى أنّه ليس بفعلٍ فلا ضمانَ عليه، وكمَنْ منع خيطًا مِمّن به جائفةٌ(٢) حتّى مات، ومَنْ منع جارَه فضْلَ مائِه حتّى هلك زرْعُه، ومَنْ منع صاحِبَ جدارٍ خاف سقوطَه عمدًا عنه حتّى سقط، ومن أمسك وثيقةَ حقٍّ حتى تَلِفَ الحقُّ. وأمثالُ هذا كثيرةٌ جدًا في الفروعِ، فعلى أنّ التّركَ فعلٌ فإنّه يضمن في الجميعِ»(٣).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 02 شعبان 1431ﻫ
الموافق ﻟ: 14 يوليو 2010م
١- انظر: «المجموع» للنّوويّ: (6/329).
٢- الجائفة هي الطّعنة التي تبلغ الجوف [«الفائق» للزّمخشري: (1/246)، «مختار الصّحاح» للرّازيّ: (117)].
٣- «مذكّرة أصول الفقه» للشّنقيطيّ: (39).
وأخر دعونا أن الحمد لله ربي العالمين . وأسأ ل الله أن يوفقنا لصوم رمضان إيمانا وإحتسابا لوجهه الكريم .والسلام عليكم ورحمة الله وباركته