الحمد لله القائل ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) قال ابن كثير رحمه الله: المراد بها عشر ذي الحجة
والقائل ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ) الحج:28، قال ابن عباس: أيام العشر
والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير القائل { "ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر" قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء" } رواه البخاري وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد } رواه أحمد
قال المحققون من أهل العلم: أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل الليالي
فضل عشر ذي الحجة وما يستحب فيها من الأقوال والأعمال وفضل صيام يوم عرفه وبعض أحكام العيد والأضحية
ما يستحب فعله في هذه الأيام مع الدليل
أداء مناسك الحج والعمرة : وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسّر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم { العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } متفق عليه
الصلاة : يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. عن ثوبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد سجدة إلا رفعك إليه بها درجة، وحط عنك بها خطيئه } [رواه مسلم] وهذا عام في كل وقت
الصيام : لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر } رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: إنه مستحب استحباباً شديداً.
التكبير والتهليل والتحميد : لما ورد في حديث ابن عمر السابق { فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد }. وقال الإمام البخاري رحمه الله ( كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ). وقال أيضاً ( وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ) وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعاً، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة
صيغة التكبير
الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيراً.
الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد سنه مهجورة : التكبير ورفع الصوت وتعليم الناس بفضلها
تحذير : التكبير الجماعي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره )
صيام يوم عرفة تأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه أنه قال عن صوم يوم عرفة: { أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده } رواه مسلم
لكن من كان في عرفة - أي حاجّاً - فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطراً
فضل يوم النحر: يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين مع أن بعض العلماء يرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة. قال ابن القيم رحمه الله ( خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر ) كما في سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم { إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر } ( يوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو يوم الحادي عشر ) وقيل يوم عرفة أفضل منه، لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر من يوم عرفة، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو من عباده، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف، والصواب: القول الأول: لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء.. وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة فليحرص المسلم حاجاً كان أم مقيماً على إدراك فضله، وانتهاز فرصته.
بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها : الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له، والأضحية عن الأموات على ثلاثة أقسام
الأول: أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته، وينوي بهم الأحياء والأموات، وأصل هذا تضحية النبي عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل
الثاني: أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها وأصل هذا قوله تعالى ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيع عَلِيمٌ )
الثالث: أن يُضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء، فهذه جائزة. وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع بها قياساً على الصدقة عنه، ولكن لا نرى أن تخصيص الميت بالأضحية من السنّة؛ لأن النبي لم يضح عن أحد من أمواته بخصوصه، فلم يضح عن عمه حمزة، وهو من أعزّ أقاربه عنده، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته، وهنّ ثلاث بنات متزوجات وثلاثة أبناء صغار، ولا عن زوجته خديجة، وهي من أحب نسائه، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته.
ونرى أيضاً من الخطأ ما يفعله بعض الناس، يضحون عن الميت أول سنة يموت أضحية يسمونها ( أضحية الحفرة )، ويعتقدون أنه لا يجوز أن يشرك معه في ثوابها أحد، أَو يضحّون عن أمواتهم تبرعاً أو بمقتضى وصاياهم، ولا يضحّون عن أنفسهم وأهليهم، ولو علموا أن الرجل إذا ضحى من ماله عن نفسه وأهله شمل أهله الأحياء والأموات لما عدلوا عنه إلى عملهم ذلك.
تقول اللجنة الدائمة في الأضحية : مما لا يجزئ: أن يذبح في الهدي والأضحية العوراء البين عورها، والعمياء، والمريضة البين مرضها، ولا ذات هزال لا تنقي، وعرج يمنع اتباع الغنم، وعضب يذهب لأكثر القرن والأذن، وأفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، والأسمن والأملح أفضل.
بعض أحكام وآداب عيد الأضحى المبارك : التكبير .. ذبح الأضحية: ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح } [رواه البخاري ومسلم]. ووقت الذبح أربعة أيام .. الاغتسال والتطيب للرجال، ولبس أحسن الثياب .. الأكل من الأضحية: كان رسول الله صلى الاله عليه وسلم لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته ( زاد المعاد )الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً
[b][center]